منتديات ملتقى الخير

منتديات شباب10 ترحب بكم فاهلاوسهلا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات ملتقى الخير

منتديات شباب10 ترحب بكم فاهلاوسهلا

منتديات ملتقى الخير

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مــلــتــقــى الــخــيــر *& على الخير نلتقي في منتديات شباب10 &*

منتديات شباب10 ملتقى الخير ترحب بجميع الاعضاء الجدد ؟&&&
** الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه
استغفر الله لي ولوالدي وللمؤمنين وللمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات"
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برة من خير ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير )) * البخاري
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) ) البخاري
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجأة نقمتك وجميع سخطك

المواضيع الأخيرة

» ترحيب بالاعضاء الجدد
اثقل ما يوضع في الموازين Emptyالجمعة فبراير 27, 2015 11:57 pm من طرف عصام الصامت

» شاهد هذا الفيديو قبل موتك
اثقل ما يوضع في الموازين Emptyالأحد يونيو 22, 2014 6:45 pm من طرف خاطر سفاح

» ارسم ابتسامة من قهر واسكب دمعة من فرح
اثقل ما يوضع في الموازين Emptyالأحد يونيو 22, 2014 11:50 am من طرف خاطر سفاح

» كيف نستغل شهر رمضان
اثقل ما يوضع في الموازين Emptyالأربعاء أغسطس 03, 2011 9:16 am من طرف يحيى الشهري

» مشهد عن القطيعه
اثقل ما يوضع في الموازين Emptyالخميس يناير 06, 2011 2:50 am من طرف مشبب

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى


    اثقل ما يوضع في الموازين

    أبو ياسر
    أبو ياسر
    Admin


    عدد الرسائل : 240
    نقاط : 6811
    تاريخ التسجيل : 16/10/2007

    اثقل ما يوضع في الموازين Empty اثقل ما يوضع في الموازين

    مُساهمة من طرف أبو ياسر الخميس يوليو 29, 2010 10:21 pm


    بسم الله الرحمن الرحيم
    المقدمة
    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
    فنبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد . ذلك النبي الذي كان خلقه القرآن وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم: 4] ذلك النبي الذي طهر الله باطنه وظاهره. ذلك النبي الذي كان قدوة حسنة بأخلاقه وأعماله.
    حديثي إليكم أيها الأحبة عن موضوع كلنا بحاجة إليه، يحتاج إليه الرجل والمرأة. يحتاج إليه الغني والفقير، يحتاج إليه الرئيس والمرؤوس إنه «حسن الخلق» ذلك العمل الجليل الذي رفع الله به عبادًا فأسكنهم أعالي الجنان، ذلك العمل الذي هو أثقل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة. كما قال رسول الله  «ما من شيء أثقل في الميزان من خلق حسن» [رواه الترمذي 1925 بسند صحيح].
    بل إن صاحب الخلق الحسن يفوق درجات بعض العباد. قال : «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم» [رواه أبو داود: 4165 بسند صحيح].
    وليبشر أصحاب الأخلاق الحسنة بالقرب من النبي  يوم القيامة. قال : «إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا...» [رواه الترمذي: 1941].
    وبين الرسول  أن الخيرية تكمن بعد تقوى الله في حسن الخلق فقال: «إن خياركم أحسنكم أخلاقًا» [رواه البخاري:5575].
    بل جعل الرسول  من مقاصد رسالته الدعوة إلى الأخلاق الحسنة فقال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» وفي رواية: «لأتمم صالح الأخلاق» [رواه أحمد: 8595 وصححه ابن عبد البر].
    ولقد كان من دعائه : «اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت» [رواه مسلم: 1290].
    وحسن الخلق من أسباب دخول الجنة. قال : «أعظم ما يدخل الناس الجنة: تقوى الله وحسن الخلق» [رواه الترمذي، وصححه الألباني في الصحيحة: 977].
    وحسن الخلق من أسباب الزيادة في العمر والبركة فيه. قال : «حسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار» [رواه أحمد: 24098 وصححه الألباني في صحيح الجامع 3767].
    وليعلم المؤمن بأن حسن الخلق من أحب الأعمال إلى الله تعالى وعلى ذلك «أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقًا» [رواه الطبراني وصححه الألباني في الصحيحة (432].
    تعريف حسن الخلق:
    قال بعضهم: هو بذل الندى، وكف الأذى، واحتمال الأذى.
    وقيل: هو بذل الجميل، وكف القبيح.
    وقال ابن تيمية: وجماع الخلق الحسن مع الناس أن تصل من قطعك بالسلام والإكرام والدعاء له والاستغفار والثناء عليه والزيارة له، وتعطي من حرمك من التعليم والمنفعة المال. وتعفو عمن ظلمك في دم أو مال أو عرض.
    أيها الأحبة:
    إننا نعيش في هذا الزمان أزمة في الأخلاق وزهدًا في التنافس عليها؛ بل إنك ترى بعض الناس يعيب على صاحب الأخلاق الحسنة ويستهزئ به لأجل تمسكه بأخلاق الإسلام.
    وليس ذلك بغريب فنحن في زمن الغربة.
    ومن الغريب والعجيب أن المقياس عند الناس في تقييمهم للناس ليس هو على حساب الدين والخلق؛ بل المقياس على مظهر الإنسان ووظيفته وماله والشاعر يقول:
    وما الحسن في وجه الفتى شرف له

    إذا لم يكن في فعله والخلائق

    فما الفائدة من جمال الثوب وزينة الظاهر إذا لم تكن هناك أخلاق الإسلام.
    ليس الجمال بأثواب تزيننا

    إن الجمال جمال العلم والأدب

    إننا بحاجة لتصحيح المفاهيم الخاطئة في مجتمعنا، وأن نُبصر الناس بالمبادئ التي جاء بها رسول الأمة .
    أخي الحبيب:
    إن هناك أسبابًا تعين بإذن الله تعالى على التحلي بحسن الخلق فمنها:
    1- أن يستشعر المرء أن أحب الناس إلى الله هو أحسنهم خلقًا.
    2- أن يتفكر في الثواب المترتب على الالتزام بحسن الخلق.
    3- أن يعلم الإنسان أن صاحب الخلق الحسن سائر على هدي الرسول  الذي وصفه الله بقوله: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم: 4].
    4- أن يتذكر الإنسان أن حسن الخلق يحتاج إلى مجاهدة وصبر وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت: 69]، فلن يتغير الإنسان من سوء الخلق إلى حسن الخلق بين يوم وليلة؛ بل الأمر يحتاج إلى صبر عظيم:
    وقل من جد في أمر تطلبه

    واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر

    5- النظر في سيرة الرسول  يُعين على تربية النفس على حسن الخلق، فاقرأ في سيرته لترى العجب العجاب.
    فهو ليس العابد الذي تفطرت قدماه من كثرة العبادة فحسب؛ بل هو أيضًا أحسن الناس خلقًا، تقول عائشة رضي الله عنها: «لم يكن رسول الله  فاحشًا ولا متفحشًا ولا صخابًا في الأسواق ولا يجزي بالسيئة ولكن يعفو ويصفح» [رواه الترمذي: 1939 وقال: حسن صحيح].
    وتأمل في حياة الرسول  لكي ترى القدوة الحسنة في كل شيء لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا [الأحزاب: 21].
    وإليك هذه الأحاديث التي تبين شيئًا يسيرًا من عظمة الخلق النبوي: كان كثير الابتسامة، يمازح أصحابه ولا يقول كذبًا، يزور أصحابه، يساعد المحتاج، تأتيه الجارية فتأخذ بيده فيذهب معها ليقضي لها حاجتها، يداعب زوجاته، وفي إحدى الغزوات قال للصحابة: تقدموا، ثم قال لعائشة: سابقيني، فتسابقا، فسبقته عائشة رضي الله عنها، وبعد زمن يقول لها الرسول : سابقيني فسبقها ثم قال: هذه بتلك وصدق الله وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم: 4].
    وكان يسلم على الصبيان، وكان يردف خلفه، ولم يكن يتميز بلباس بين أصحابه بل يدخل الأعرابي فيقول: أيكم محمد.
    وكان شديد الحياء، وكان أجود الناس، وما سئل عن شيء فقال: لا. وكان يحب المساكين والفقراء. وكان طويل الصمت، وكان يقول للخادم: ألك حاجة، وكان لا يرد الطيب، وكان يقبل الهدية ويثيب عليها، وكان يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم، ويعود مرضاهم، ويشهد جنائزهم، وكان يجلس على الأرض، ويأكل على الأرض، ويجيب الدعوة على خبز الشعير، وكان ينام على الحصير حتى أثر على جنبه الشريف، وكان يركب الحمار، ويخصف نعليه، وكان يعرف بريح الطيب إذا أقبل، وكان يخدم نفسه، وكان يكثر الذكر، وكان طاهر اللسان ما سب أحدًا صلوات ربي وسلامه عليه» فهذه نماذج من أخلاقه فأين نحن منها؟
    إن المؤمن الصادق هو من يقتدي بالرسول  في أخلاقه كما يقتدي به في عبادته.
    6- القراءة في سير السلف وأخبارهم تدعو إلى حسن الخلق.
    اقرأ التاريخ إذ فيه العبر

    ضل قوم ليس يدرون الخبر

    ولئن فاتتك رؤية السلف فهذه أخبارهم مدونة فأين من يرتاد؟.
    فاتني أن أرى الديار بعيني

    فلعلي أرى الديار بسمعي

    والمقام يطول بذكر أخبارهم، ولكن في جولة سريعة لعل فيها ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
    فهذا أبو بكر  وخوفه من لسانه، يمسكه ويقول: هذا أوردني الموارد. فعجبًا له ما أعلى قدره.. وانظر إلى خلقه في الإنفاق فهو صاحب الجود والإنفاق يأتي بماله كله للصدقة فيقول له الرسول : «ما تركت لأهلك»؟ فيقول: تركت لهم الله ورسوله.
    وها هو عمر بن الخطاب صاحب خُلق «العدل» الذي رآه أحد الناس نائمًا تحت شجرة. فقال: «حكمت فعدلت فأمنت فنمت».
    وعثمان طبق أروع الأمثلة في خلق الحياء حتى إن الملائكة تستحي منه.
    وعلي ذلك البطل الشجاع الذي كان أسدًا من أسود الإسلام فما أروع خلق الشجاعة لديه!.
    وأبو عبيدة أمين هذه الأمة، إنها الأمانة يا أمة الإسلام.
    وهذا الزبير يهاجر وعمره ثمان عشرة سنة، وكان عمه يعذبه ليعود للكفر، ويعلقه ويُدخن عليه، ولكن الزبير تربى على الصبر، فصبر ولم يرجع بل قال: لا أرجع للكفر أبدًا.


    * * * *
    فأين الصابرون على الابتلاء؟
    وهذا أبو سفيان ابن عم الرسول  يتربى على التقوى، فلما حضرته الوفاة قال لأهله: لا تبكوا علي فإني لم أتنطف بخطيئة منذ أسلمت.
    وهذا عبد الله بن رواحة الذي تربى على دوام العبادة لله تعالى، قال أبو الدرداء: إن كنا لنكون مع الرسول  في السفر في اليوم الحار ما في القوم أحد صائم إلا رسول الله  وعبد الله بن رواحة، وقالت زوجته: كان ابن رواحة إذا أراد أن يخرج من بيته صلى ركعتين، وإذا دخل صلى ركعتين، لا يدع ذلك أبدًا.
    إنها الهمة العالية في العبادة لله عز وجل
    وهذا سلمان الفارسي يشتمه رجلٌ فيقول سلمان: إن خفت موازيني فأنا شر مما تقول، وإن ثقلت موازيني لم يضرني ما تقول.
    وسب رجل ابن عباس، فقال: هل لك حاجة فنقضيها، فاستحيا الرجل.
    قال محمد بن منذر: كنت أمشي مع الخليل بن أحمد فانقطع نعلي فخلع نعله، فقلت ما تصنع؟ قال: أواسيك في الحفاء.
    إنها روائع الأخوة
    وقال الحسن: إن كان الرجل ليخلف أخاه في أهله بعد موته أربعين سنة.
    وهذا أحد السلف يأتي إلى أخيه يطلبه مالاً فدخل ذلك الرجل داره ليحضر المال ثم أعطاه، ثم دخل يبكي فقالت له زوجته: لماذا تبكي لو أنك اعتذرت منه. فقال: إنما أبكي لأنني لم أتفقد حاله حتى احتاج أن يقول لي ذلك.
    وتأمل هذا الموقف: خرج إبراهيم بن أدهم ومعه ثلاثة نفر، فدخلوا مسجدًا في بعض القرى وكان البرد شديدًا، وليس للمسجد باب، فلما ناموا، قام إبراهيم فوقف على الباب إلى الصباح، فقالوا له: لِمَ لَمْ تنم؟ قال: خشيت أن يصيبكم البرد. فقمت مقام الباب.
    الله أكبر...!
    ما أعظم هذه الخلائق.
    وهذه جولة في بعض الأخلاق التي فقدناها...
    أين نحن من خلق «التأني» التأني في كل شيء إلا في أعمال الآخرة، التأني في الحكم على الآخرين. التأني في طلب العلم، التأني في الدعوة إلى الله وعدم استعجال النتائج. التأني في اتخاذ القرار. التأني قبل إصدار العقوبة على المذنب. التأني عند الحوار والمناظرة. قال : «التأني من الله والعجلة من الشيطان» [رواه أبو يعلي وهو في الصحيحة (1975)].
    وأنت أيها المقدم على الزواج تأن في اختيار شريكة الحياة.
    ولابد أن تتأني في أداء الصلاة ولا تؤدها إلا بطمأنينة.
    وما أحسن التأني في قراءة القرآن وتدبر معانيه وعدم الاستعجال لإدراك الختمة.
    وكذلك التأني في المشروعات الخيرية ودراستها دراسة جيدة.
    الرفق يمن والأناة سعادة

    فاستأن في رفق تلاق نجاحا

    ما أجمل الأناة... إنها صفة يحبها الله، قال الرسول  لأشج عبد القيس: «إن فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة» [رواه مسلم: 24].
    والاستعجال ضد التأني، وهو خلق مذموم وعواقبه وخيمة سواء كان في مجال الدعوة والإصلاح، أو في مجال طلب العلم، أو في مجالات التربية. أو حتى في المجالات الدنيوية، ويكفينا قول النبي : «ما كان الرفق في شيء إلى زانه، ولا نُزع من شيء إلا شانه» [رواه مسلم: 4698].
    أين نحن من خلق الاعتراف بالفضل لأهله: وعدم نسب الفضل للنفس. وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ [البقرة: 237].
    وقال : «من لم يشكر الناس لم يشكر الله» [رواه أحمد: 10850] [الترمذي: 1878] [وهو في صحيح الجامع: 6541].
    نريد أن ننسب الفضل لأهله فلا ننسب ذلك لأنفسنا.
    فإذا رزقت بنعمة فقل: هذا من فضل ربي.
    وإذا استفدت علمًا من أحد فقل: هذا العلم استفدته من فلان.
    وإذا أسدى أحد إليك معروفًا فقل له: جزاك الله خيرًا.
    قال : «... ومن صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه» [صحيح أبي داود: 1468].
    وقال : «من صنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيرًا فقد أبلغ في الثناء» [رواه الترمذي وهو في صحيح الجامع: 6468].
    أين نحن من خلق الإنصاف والعدل والنظر للمحاسن ؟
    قال المناوي: الإنصاف والعدل توأمان نتيجتهما علة الهمة وبراءة الذمة باكتساب الفضائل وتجنب الرذائل.
    وانظر لتوجيه الرب تبارك وتعالى داعيًا عباده للتحلي بالإنصاف حتى مع الأعداء يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [المائدة: 8].
    نحن بحاجة للإنصاف في تعاملنا مع بعضنا البعض.
    إننا ننسى حسنات من أخطأ ونعامله على خطئه وهذا ظلم.
    إننا نبحث عن الأخطاء والعيوب، ولكن لا ننظر للحسنات، فأين الإنصاف؟
    فذلك الزوج ينسى حسنات زوجته؛ لأنها وقعت في خطأ أو قصرت في عمل «لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر» [رواه مسلم: 2672].
    وذلك المدير ينسى حسنات ذلك المدرس لأجل ذنب وقع فيه.
    وهذا المسؤول يغضب على ذلك الموظف؛ لأنه تأخر عن عمله مرة أو مرتين.
    والمرأة إذا رأت شيئًا من زوجها قالت: ما رأيت منك خيرًا قط. وذلك المصلي يلاحظ على الإمام خطأ فيقول: لو ابتعد هذا الإمام عنا ارتحنا، وهكذا صور كثيرة من الواقع تؤكد أننا نفقد «الإنصاف».
    وإذا الحبيب أتى بذنب واحد

    جاءت محاسنه بألف شفيع

    إذا كان الكافر لا يجوز أن نظلمه وأن نهضم حقه، فكيف بالمسلم، فكيف بالعالم الرباني. ولكم أن تتأملوا القرآن لتروا كيف دعا إلى الإنصاف.
    يثني الله على بني إسرائيل – من آمن منهم – وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ [الأعراف: 159].
    ويذكر الله خيانة بعضهم لا كلهم وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلا قَلِيلاً مِنْهُمْ [المائدة: 13].
    أيها الأحبة: نحن بشر نخطئ ونذنب، فهل إذا أذنب الواحد تركناه وهجرناه وبدعناه و...
    من الذي ما ساء قط

    ومن له الحسنى فقط

    قال ابن القيم: «ولو كان من أخطأ أو غلط ترك جملة وأهدرت محاسنه؛ لفسدت العلوم والصناعات والحكم وتعطلت معالمها» [مدارج السالكين: 2/40].
    إن من مصائبنا أننا عندما ننتقد أحدًا من الناس سواء عالمًا أو مديرًا أو رجلاً عاديًّا لا نطهر أنفسنا من التشفي والانتقام؛ بل من دواعي النقد «الحقد والبغضاء» ويتبع ذلك ظلم الطرف الآخر.
    قال ابن سيرين: ظلم لأخيك أن تذكر منه أسوأ ما رأيت وتكتم خيره.
    ولله درك يا ابن تيمية حينما قلت: «هذا وأنا في سعة صدر لمن يخالفني فإنه وإن تعدى حدود الله في بتكفير أو تفسيق أو افتراء أو عصبية جاهلية، فأنا لا أتعدى حدود الله فيه، بل أضبط ما أقوله وأفعله وأزنه بميزان العدل ...» [مجموع الفتاوى 3/245].
    فأين من يتشبه بابن تيمية، فهذه أخلاق الأولياء، فمتى نعرف أخطاءنا.. ومتى نجاهد أنفسنا على التحلي بمكارم الأخلاق، ومتى نترفع عن سفاسف الأمور؟
    أين نحن من خُلق «التفاؤل»؟
    فذاك المريض متشائم من ذلك المرض الذي أسهر ليله وأضنى نهاره، ولم يفكر يومًا من الأيام بالتفاؤل وأن الله قادر على شفائه. وأن حالته قد تتغير للأفضل.
    ما بين طرفة عين وانتباهتها

    يغير الله من حال إلى حال

    أخي المريض تفاءل وأحسن الظن بربك.
    نحن نريد التفاؤل في تربية الأبناء ولا يعجبنا ذلك الأب الذي يئس من هداية ولده، أو يئس من نجاحه في دراسته، أو يئس من تغير خلقه.
    أيها الأب: تفاءل فلعل الله يبلغك ما تريده وما يدريك لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا [الطلاق: 1].
    والدعاة إلى الله من أحوج الناس إلى خلق التفاؤل، وما أكثر اليائسين في حقل الدعوة، وما أكثر اليائسين من هداية الناس، لماذا نحن متشبعون باليأس من زوال المنكرات؟ وأكثرنا إذا رأى مكر الأعداء وكيدهم، أصابه الإحباط واليأس، وقال: هلك الناس، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وغيرها من الكلمات التي تعبر عن الهزيمة النفسية لدى ذلك الرجل «الداعية».
    إننا بحاجة إلى ذلك الداعية الذي ملأت الدعوة حياته كلها، وقبل ذلك مُلئ قلبه بالتفاؤل في نصرة الله لدينه.
    نعم للتفاؤل، لا للتشاؤم، أنسينا أن المستقبل لهذا الدين، وأن الله ناصر عباده الصادقين وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم: 47].
    يجب أن نوقن أن هذا الدين هو الدين الخالد، وهو الدين الذي كتب الله له البقاء، وهو الدين الذي تكفل الله بحفظه، وسوف يهيئ له الرجال الأبطال الذين يكون النصر على أيديهم.
    إن اليهود مهما طغوا وبغوا، وإن الروس مهما تكبروا وتجبروا، وإن النصارى مهما بذلوا ودعوا إلى نصرانيتهم، وإن الكفار مهما أساؤوا للإسلام وأهله ومهما تنوعت وسائل المكيد والمكر، فيجب أن نعلم بأن الله قد كتب وقدر أن المستقبل لهذا الدين.
    وفي كل يوم نرى من أمارات ودلائل ما قدره الله.
    فكم هم أولئك الذين تركوا النصرانية ورجعوا للدين الحق.
    وها هي قوافل التائبين تعود إلى ربها في كل حين.
    وكم رأينا من أناس قد يُئس من هدايتهم، وإذا بهم يعودون إلى الله.
    الله الله في التفاؤل.. هذا رسول الله يُطرد من مكة وما هي إلا سنين ويعود لها فاتحًا معتزًّا بدينه، ومن قرأ التاريخ رأى أن التفاؤل هو أعظم أسباب النصر. وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ [الصافات: 171-173].
    أين نحن من خلق «القناعة» والرضا بما قسم الله، وعدم التسخط على ما كتب الله من قلة في الرزق أو في شتى جوانب الحياة؟!.
    قال بعضهم: القناعة هي الاقتصار على ما سنح من العيش، والرضا بما تسهل من المعاش، وقهر النفس على ذلك، والقناعة باليسير منه.
    إن القناعة كنز خفي وهي الغنى الحقيقي.
    عن أبي هريرة  قال: قال رسول الله : «يا أبا هريرة كن ورعًا تكن أعبد الناس، وكن قنعًا تكن أشكر الناس...» [رواه ابن ماجه 4317] وقال في الزوائد: إسناده حسن.
    وعنه قال: قال الرسول : «انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله» [رواه البخاري 9009، ومسلم 2963].
    وعن فضالة بن عبيد  أنه سمع الرسول  يقول: «طوبى لمن هدي إلى الإسلام وكان عيشة كفافًا وقنع» [رواه الترمذي: 2349 وهو في الصحيحة 1506].
    قال عمر : إن الطمع فقر، وإن اليأس غنى، إنه من ييأس عما في أيدي الناس استغنى عنهم.
    إن المتأمل في واقع بعضٍ من الناس، يجد أنهم قد فقدوا القناعة.
    فترى الرجل عنده قوت يومه بل وقوت شهره ولكن ترى فيه: الجزع والسخط. ويقول: لماذا أنا أعاني من قلة المال، وغيري يتقلب في أنواع النعم، ولماذا فلان عنده كذا... وكذا..؛ وأنا أعاني من كذا ... وكذا ...
    ولو نظرت إلى حال تلك المرأة لرأيتها دائمًا تعاتب زوجها على الحال المادية التي يعيشونها، ودائمًا هي في نقاش وجدال مع زوجها.
    وذاك الموظف قد رزق وظيفة في مرتبة عالية ولكن صديقه في مرتبة أدنى فيأتي هذا الموظف قليل المال قليل المرتبة يصيح، ويجزع ويسخط لماذا يا رب تفعل بي كذا؟
    والصور كثيرة التي تدل على ضعف القناعة لدينا.
    أخي الكريم:
    لقد كان بيت الرسول  لا يوقد فيه النار ثلاثة أشهر.
    تقول عائشة رضي الله عنها: «ما شبع آل محمد  يومين من خبز برٍّ إلا وأحدهما تمر» [رواه مسلم: 2971].
    والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
    إن الواحد منا يجد أصنافًا من الطعام في بيته، فأين القناعة؟ إننا نلبس ألوانًا من الملابس، فأين القناعة؟ إننا نحتاج إلى تربية النفس على القناعة والرضا بما كتب الله تعالى.
    ما أجمل القناعة، هي سر السعادة، ودليل الإيمان، والقنوع لا هم له.
    إن القناعة من يحلل بساحتها

    لم يلق في ظلها همًّا يؤرقه

    أيها الأخ الكريم..
    لئن فقدت بعض متاع الدنيا، أو.. أو.. أو.. ألا يكفي أن دينك لا زال معك الدين أغلى ما يمتلك.
    يحكي أن رجلاً كان مبتلى بفقد البصر، وعنده شلل رباعي، فقال له رجل: كيف أنت؟ فقال: في نعم كثيرة لا يحصيها إلا الله. فقال الرجل: وأين النعم وأنت أعمى، ومشلول، فقال: يكفي أن الله منحني لسانًا أذكره به في الليل والنهار. نعم يكفي أنك مؤمن، مصلي، تذكر الله وتشكره.

    أين نحن من خلق التشاور:
    الشورى تلك المزية التي تميز بها رسول الله  فقد شاور أصحابه في أسارى بدر، ومواقفه في الشورى أكثر من أن تحصر.. إن المتأمل في هذا الخلق يجد أنه من أروع الأخلاق، كيف لا، والله قد أمر نبيه  به بقوله: وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ [آل عمران: 159] ويثني على عباده بقوله: وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ [الشورى: 38].
    قال العلماء: «الشورى» استنباط المرء الرأي من غيره فيما يعرض له من مشكلات الأمور، إننا بحاجة إلى الشورى في حياتنا.
    1- نحتاج إليها عند الإقدام على الزواج، فنشاور من نرى فيهم النصح وكمال العقل، وكثير من الأزواج ندموا بعد زواجهم، والسبب: فقدان الشورى. وكذلك نتشاور في قبول الزوج المتقدم إلى بناتنا، ولا نستعجل في الموافقة أو الرفض إلا بعد التشاور.
    2- نحتاج إلى الشورى في قضايانا الاجتماعية مثل: تربية الأبناء، العلاقات الزوجية، قضايا الطلاق، قضايا الجوار، وغيرها كثير..
    3- وعند القيام بأعمال تجارية نحتاج إلى «الشورى».
    4- وعند التوجه إلى طلب العلم نفتقر إلى «الشورى» وعدم الاستبداد بالرأي.
    5- وما أجمل الشورى في حقل الدعوة والدعاة، بل إن الدعاة من أحوج الناس إلى «الشورى».
    وإن باب أمر عليك التوى

    فشاور لبيبًا ولا تعصه

    قالوا عن الشورى:
    1- قال عمر: الرجال ثلاثة: رجل ترد عليه الأمور فيسددها برأيه، ورجلٌ يُشاور فيما أشكل عليه وينزل حيث يأمره أهل الرأي، ورجل حائر بائر لا يأتمر رشدًا ولا يطيع مرشدًا.
    2- وقال عمر بن عبد العزيز: إن المشورة والمناظرة باب رحمة ومفتاح بركة لا يضل معهما رأي، ولا يفقد معهما حزم.
    3- وقال أحدهم: من أعجب برأيه لم يشارو، ومن استبد برأيه كان من الصواب بعيدًا.
    4- وقال بعض البلغاء: من حق العاقل أن يضيف إلى رأيه آراء العقلاء، ويجمع إلى عقله عقول الحكماء. فالرأي الفذ ربما زل، والعقل الفرد ربما زل.
    شور صديقك في الخفي المشكل

    واقبل نصيحة ناصح متفضل

    5- وقيل شاور من جرب الأمور فإنه يعطيك من رأيه ما دفع عليه غاليًا وأنت تأخذه مجانًا.
    أين نحن من خلق «الرحمة» ذلك الخلق النبوي الكبير.
    ذلك الخلق الذي يحب الله أهله، ويرحمهم، جزاءً على رحمتهم بالعباد.
    عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» [رواه أبو داود: 4941، والترمذي: 1924 وقال: حسن صحيح].
    الرحمة: كلمة تدل على الرقة والعطف والرأفة.
    إننا بحاجة إلى أن نتصف بهذه الصفة فيما بيننا.
    نحتاج إلى الرحمة في التعامل مع الوالدين قال الله تعالى: وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ [الإسراء: 24].
    فأين الراحمون بالوالدين، وأين الذين يذلون لهم، وأين الذين يرحمونهم؟
    إننا في زمن غاب فيه معنى البر والإحسان للوالدين، وكأنهما ما تعبا من أجلك، لقد سهرا لترتاح، وإن أصابك شيء بذلا كل ما بوسعهما لأجل سلامتك، لقد عاشا معاني الرحمة والرأفة من ولادتك حتى أصبحت رجلاً.
    فهل منحتهما شيئًا مما منحاك من الرحمة؟!
    أخي الحبيب:
    لماذا كل هذا الجفاء للوالدين؟ لماذا لا تكثر من الاتصال بهم وزيارتهم؟ لماذا هذه القسوة؟
    سبحان الله!
    أنسيت الإحسان على مر الزمان.
    أنسيت تلك الدموع التي هطلت من تلك العيون حزنًا على مرض أصابك، أو أمنية لك ما استطاعا قضاءها لك.
    فيا أخي:
    عد إليهما، وأحسن صحبتهما، وتواضع لهما، وابتسم لهما، واصبر على ما يحصل لك منهما.
    إن من الغريب أن ترى إنسانًا رحيمًا بالفقراء والأيتام والمساكين ويسعى لنفعهم، ولكنه مع والديه ليس كذلك، أليسا أحق بتلك الرحمة؟
    إننا بحاجة إلى الرحمة في التعامل مع الزوجة.
    عن أبي هريرة  قال: قال رسول الله : «إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة» [رواه ابن ماجه: 3668، وأحمد: 9289، وهو في الصحيحة: 1015].
    والمتأمل في واقع بعض الأزواج يجد القسوة والظلم في التعامل مع الزوجات، ألم يقل : «استوصوا بالنساء خيرًا» [رواه البخاري: 3084].
    أيها الأزواج: ارحموا نساءكم، وتلطفوا معهم، وتوددوا معهم، ولا تكونوا من الأشقياء. قال : «لا تُنزع الرحمة إلا من شقي» [رواه الترمذي: 1923، وحسنه الألباني في صحيح الجامع: 7467].
    إننا بحاجة إلى الرحمة في التعامل مع «أبنائنا» فلماذا العنف والضرب والسب واللعن؟!
    قال : «ليس منا من لم يرحم صغيرنا..» [رواه الترمذي: 1920، وقال: حسن صحيح. وهو في صحيح الجامع: 5444].
    عن أبي هريرة  قال: قبل الرسول  الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسًا. فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم واحدًا، فنظر إليه الرسول  ثم قال: «من لم يرحم لا يُرحم» [رواه مسلم: 2318].
    أيها الآباء رفقًا بالأبناء، ولطفًا بهم. فمن لهم – بعد الله – سواكم. أشعروهم بالرحمة والحنان.
    وهذا الدين يدعو إلى الرحمة:
    1- يدعوا إلى الرحمة بالحيوان، وانظر للأجر الكبير الذي يُنال بتلك الرحمة عن أبي هريرة  قال: قال الرسول : «بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به» [رواه البخاري: 3208، مسلم: 638].
    فانظر إلى هذا ألأجر: غفران ذنب الزنا، الذي هو من الكبائر بسبب ماذا: سقاية كلب. ولكنها الرحمة مفتاح الأجور والحسنات.
    2- وهذا الدين يدعو إلى الرحمة بالمصلين. عن أبي هريرة  قال: قال : «إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإن في الناس الضعيف والسقيم وذا الحاجة» [رواه البخاري: 662، مسلم: 467].
    3- وهذا الدين يدعو إلى الرحمة بالفقراء والضعفاء والأيتام والأرامل. عن سهل بن سعد  قال: قال : «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئًا» [رواه البخاري: 4892].
    وعن أبي هريرة  قال: قال : «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل الصائم النهار» [رواه البخاري: 1244، مسلم: 2982].
    وليبشر من عطف على المسلمين واليتيم برقة القلب ولينه. فعن أبي هريرة  أن رجلاً شكا إلى رسول الله  قسوة قلبه، فقال : «إن أردت تليين قلبك فأطعم المسكين وامسح رأس اليتيم» [رواه أحمد: 7260، وهو في الصحيحة: 584].
    وما أحسن التحلي بالرحمة عند إنكار المنكرات.
    إن صاحب المنكر يقود نفسه إلى المهالك ولكنه لا يدرك ذلك؛ لأن لذة المعصية تنسيه العواقب. فما أجمل ذلك الناصح إذا جاء إليه وكله رحمة وشفقة ينصحه لله يريد له الخير كما كان القدوة الأول  الذي وصفه الله بقوله: حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة: 128].
    نعم إن الداعية لا يريد بدعوته إلاَّ رضا الله وإيصال المنفعة للمدعو.
    فلماذا يمارس بعض الدعاة الشدة والقسوة في نصحهم وتوجيههم؟! صحيح أن بعض الناس قد يناسبه الشدة ولكن الأصل هو «الرحمة».
    تنبيه!! الرحمة تقتضي الحزم لا الإهمال:
    قال ابن القيم رحمه الله تعالى: إن الرحمة صفة تقتضي إيصال المنافع والمصالح إلى العبد وإن كرهتها نفسه وشقت عليها، فهذه هي الرحمة الحقيقية، فأرحم الناس من شق عليك في إيصال مصالحك ودفع المضار عنك فمن رحمة الأب بولده: أن يكرهه على التأدب بالعلم والعمل، ويشق عليه في ذلك بالضرب وغيره، ويمنعه شهواته التي تعود بضرره، ومتى أهمل ذلك من ولده كان لقلة رحمته به.
    وإن ظن أنه يرحمه ويرفهه ويريحه، فهذه رحمةٌ مقرونة بجهل، ولهذا كان من تمام رحمة أرحم الراحمين تسليط أنواع البلاء على العبد، فابتلاؤه له وامتحانه ومنعه من كثير من أغراضه وشهواته من رحمته به.
    ولذلك أقول:
    1- ليس من رحمة الأبناء عدم إيقاظهم للصلاة في شدة البرد.
    2- ليس من رحمة الأبناء طاعتهم في الإتيان بالمنكرات إلى البيت.
    3- ليس من الرحمة بالزوجة التساهل في الحجاب، وطاعتها في ذلك.
    4- ليس من الرحمة ترك إقامة الحدود على المستحقين لها من أصحاب الجرائم.
    أين نحن من خلق الصدق، الصدق مع الله في الأقوال والأعمال، والصدق مع الناس.
    أيها الأحبة:
    لماذا نكذب في البيع والشراء، ونكذب في التعامل مع الناس في الأعمال اليومية، لماذا نكذب على الأبناء، ألم نعلم بأن من علامات النفاق «وإذا حدث كذب» [كما في صحيح البخاري].
    تقول عائشة رضي الله عنها: «ما كان خلق أبغض إلى الرسول  من الكذب، ولقد كان الرجل يُحدث عن الرسول  بالكذبة فما يزال الرسول في نفسه حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة» [رواه الترمذي، وقال: حسن، وهو في صحيح الجامع: 4675].
    لا يكذب الرجل إلا من مهانته

    أو عادة السوء أو قلة الأدب

    أخي: الصدق أفضل شيء أنت قائله

    لا شيء كالصدق لا فخر ولا حسب

    أين نحن من خلق التواضع، ألم نعلم بأن من تواضع لله رفعه، وأن التواضع خلق الأنبياء.
    تواضع إذا ما نلت في الناس رفعة

    فإن رفيع القوم من يتواضع

    ولماذا ذلك الاستكبار، ذلك الخلق الدنيء، خُلق الشيطان إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ [البقرة: 34].
    لماذا تحتقر الناس، وتزدريهم وتترفع عليهم؟ لعل ذلكم الذي تحتقره أفضل منك عند الله إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات: 13].
    قال : «ألا أخبركم بأهل الجنة، قالوا: بلى، قال: كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره» [رواه البخاري: 4537، ومسلم: 5092].
    نريد من ذلك المدير أن يتواضع مع من تحته من الموظفين، يجلس معهم، يشاورهم، يأكل معهم، يساعدهم فيما يحتاجون، كما كان القدوة  يفعل ذلك.
    نريد من ذلك المدرس أن يتواضع لطلابه، يبتسم لهم، يتحبب لهم، يزورهم، يجيب دعوتهم.
    نريد من ذلك الإمام أن يكون سهلاً مع جماعة المسجد، يتحدث معهم، يقف مع السائل، يرحم الضعيف منهم.
    نريد من ذلك الزوج أن يتواضع لزوجته، يجلس معها، ينظر لها بكل مودة وتقدير، يقوم ببعض أعمال البيت معها، يجلب السرور لها.
    إن من جرب التواضع وجد أنه من أرفع الأخلاق، وأحسن الأعمال.
    أين نحن من خلق التعاون والمساعدة:
    إن من يسر على معسر؛ يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن أعان أخاه أعانه الله وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة: 2].
    وكل سعي سيجزي الله ساعيه

    هيهات يذهب سعي المحسنين هباء

    نريد التعاون في الأعمال الدعوية بين الدعاة وسائر الناس.
    نريد التعاون في المدرسة بين المدير والمدرسين فيما فيه صلاح الطلاب. نريد التعاون في الحي بين الإمام وبين جماعة المسجد في أمور الدعوة في الحي، وفي أمور الصدقات والأعمال الخيرية.
    نريد التعاون في إنكار المنكرات، فهذا يخبر عن المنكر، وهذا يساعد في تغييره، وهذا يراسل المسؤولين، وهذا يأتي بالبديل عن المنكر، وهكذا.
    أين نحن من خلق الصبر؟
    الصبر على الطاعة وعلى الأقدار، والصبر عن المعصية، ألا نعلم بأن الله مع الصابرين ويحب الصابرين، ولنعلم بأن الدنيا مليئة بالابتلاءات والموفق من صبر وصابر ولازم التقوى «ومن يتصبر يصبره الله» [رواه البخاري: 1376].
    نريد من ذلك الداعية أن يصبر على تلك الكلمة القاسية. وأن يصبر على تأخر استجابة الناس له.

    نريده أن يتربى على الاقتداء بالأنبياء الذين ذاقوا أنواعًا من الأذى في سبيل تبليغ هذه الدعوة.
    الصبر وما أدراك ما الصبر ؟
    نحتاج إلى الصبر على ظهور الباطل وظهور أهله، وغياب كلمة الحق في كثير من البلاد والأماكن..
    الصبر زادك أيها المسلم على هذا الطريق.. فاصبر على المصائب.. وجاهد نفسك في الصبر عن الشهوات.. صحيح أن الشهوات في انتشار وازدياد، ولكن الصبر الصبر. وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ [النحل: 126].
    أين نحن من خلق الاستجابة لأمر الله ورسوله، ولماذا نتردد في الانقياد لأوامر الشرع أليس الله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ [الأنفال: 24].
    ووالله لو جاءنا الأمر من بعض الناس لما ترددنا لحظة واحدة.
    إننا نستجيب للأنظمة والقرارات، وهذا لا شك فيه ضرورة وفائدة، ولكن لماذا إذا قيل لنا في بعض الأعمال (هذا حرام)، خالفناه وعارضناه، وارتكبناه عمدًا، بل ونجاهر رب العالمين بفعلنا له.
    إن ذلك دليلٌ على ضعف الاستجابة لأوامر الله، والله يقول: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور: 63].
    أين نحن من خلق الاحتساب، وطلب الأجر من الله وحده.
    ولماذا لا نقدم على عمل إلا إذا كانت هناك مكافأة مالية أو نحوها. حتى بعض الأعمال الخيرية تفاجأ وإذا بذاك العامل يسألك (المال) عجبًا لحالنا. ألهذه الحال وصل بنا الحب للدنيا؟!
    أين من يعمل ويتذكر «الفردوس الأعلى»؟ أين الذي يعمل ولسان حاله: وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ [الشعراء: 127].
    قال عمر: أيها الناس، احتسبوا أعمالكم، فإن من احتسب عمله، كتب له عمله، وأجر حسبته.
    أين نحن من خلق الإصلاح؟
    إن الإصلاح خلق كبير يشمل الإصلاح في المجتمع بنشر الخير والعلم والدعوة فيه، ويشمل إصلاح ذات البيت بين المتنازعين.
    ويكفينا قول الله تعالى: إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ [الأعراف: 170].
    إننا نرى الزهد في قضية إصلاح المجتمع على كافة المستويات، وعلى العكس نرى طائفة من الناس تقلدوا وظيفة الإفساد، والعجب من بذلهم وتضحيتهم في سبيل الإفساد إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لا يَرْجُونَ [النساء: 104].
    أخي المؤمن: يجب أن نستيقظ وننزع ثوب الكسل ونشارك في «الإصلاح» ولنجاهد أنفسنا على إصلاح ذات البين؛ لأن التفرق من أعمال الشيطان وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران: 103].
    والإصلاح بين الناس يجلب المودة ويزيل الشحناء ويغرس الحب في النفوس.
    أين نحن من خلق العفو والصفح؟
    إن الذي يخالط الناس لابد وأن يصيبه منهم أذى شاء أم أبى، ويختلف ذلك الأذى فقد يكون باللسان أو بغير ذلك.
    وقد يكون الأذى في دينه أو دنياه أو نفسه أو عرضه أو غير ذلك، وهذا شيء لا يسلم منه أحد.
    ولكن أين الذين يعفون عمن أساء إليهم؟
    وأين الذين يغفرون لمن أخطأ عليهم؟
    وأين الذين يتجاوزون عن المذنب في حقهم؟
    إنه الخُلُق النبوي الكبير «العفو».
    ذلك الخلق الذي أمر الله تعالى نبيه  به فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ [آل عمران: 159].
    ذلك الخلق الذي أخبر الله بأنه من صفات المستحقين للجنة وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ [آل عمران: 134].
    قال الحسن: أفضل أخلاق المؤمن العفو.
    إننا بحاجة إلى تلك الصفة الرائدة.
    نحتاج إلى العفو عن الجاهل إذا أساء، ويجب أن لا ننتصر لأنفسنا ونطالب بالانتقام، فما ذلك من أخلاق الأنبياء.
    عن أنس  قال: «كنت أمشي مع رسول الله  وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجبذه بردائه جبذة شديدة، نظرت إلى صفحة عنق رسول الله ، وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته ثم قال: يا محمد مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك، ثم أمر له بعطاء» [رواه البخاري: 2910، مسلم: 843].
    ما أروع هذه الأخلاق!! وما أعلى تلك النفوس.
    إنه الإيمان إذا تغلغل في النفوس.
    وهذا عبد الله بن عمرو بن العاص يخبر عن صفة الرسول  في التوراة فيقول: «... ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر» [رواه البخاري: 2125].
    وهذا نبي الله يوسف  يعفو عن إخوته بعدما أساؤوا إليه وكادوا يقتلونه ويقول: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [يوسف: 92].
    وعن ابن مسعود  قال: «كأني أنظر إلى النبي  يحكي نبيًّا من الأنبياء ضربه قوم فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون» [رواه البخاري: 6929، ومسلم 1792].
    إن خلق العفو دليل على سلامة قلب صاحبه؛ لأنه لا يطلب لنفسه شيئًا وهو من أسباب العزة للمؤمنين، قال : «وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا» [رواه مسلم: 2588].
    قال ابن القيم: «وفي الصفح والعفو والحلم من الحلاوة والطمأنينة والسكينة وشرف النفس وعزها ورفعتها عن تشفيتها بالانتقام، ما ليس شيء في المقابلة والانتقام» [مدارج السالكين: 2/332].
    والعفو من معالي الأخلاق. وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ [الشورى: 43].

    وليبشر صاحب العفو، بعفو الله له جزاء وفاقًا، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟! فعن أبي هريرة  قال: قال : «كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسرًا قال لفتيانه: تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه» [رواه البخاري: 20789، مسلم: 1562].
    إن هناك درجة أعلى من العفو، وهي مقابلة السيئة بالحسنة.
    وقد ذكر الله تعالى هذه الصفة عندما أثنى على «أولي الألباب» فقال تعالى: وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ [الرعد: 22]، وهذه صفة نبينا .
    أخي الحبيب:
    إن هناك أسبابًا تدعو إلى التخلق بخلق «العفو» فمنها:
    1- التأمل في فضائل العفو وأنه خلق يحب الله أهله.
    2- العلم بأن هذا هو هدي الأنبياء، والمؤمن ينبغي أن يسير على هديهم.
    3- القراءة في سير السلف وتأمل أخبارهم وإليك بعضها:
    * شتم رجل عدي بن حاتم وهو ساكت، فلما فرغ من مقالته قال: إن كان بقي عندك شيء فقل قبل أن يأتي شباب الحي فإنهم إن سمعوك تقول هذا لسيدهم لم يرضوا.
    * أساء رجلٌ لأبي الدرداء بكلام، فقال أبو الدرداء: يا هذا لا تغرقن في سبنا، ودع للصلح موضعًا، فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه.
    * تكلم أحد الناس على الإمام الشعبي، فقال الإمام: إن كنت صادقًا فغفر الله لي، وإن كنت كاذبًا فغفر الله لك.
    * كان لعبد الله بن عون جمل فضربه غلامه، فذهب بعينه فلما رآه قد رُعب قال: اذهب فأنت حر لوجه الله عز وجل.
    4- أن يتأمل المؤمن في فضائل كظم الغيظ وإليك بعضها:
    * عن ابن عمر  قال: قال : «.. ومن كظم غيظًا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة» [رواه الطبراني في الكبير: 23/453، وصححه الألباني في الصحيحة: 2/608-609].
    وعن معاذ بن أنس عن أبيه قال: قال : «من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله عز وجل على رؤوس الخلائق حتى يخيره من الحور ما شاء» [رواه الترمذي، 2021، وأبو داود: 4777، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (6518)].
    أحب مكارم الأخلاق جهدي

    وأكره أن أعيب وأن أعابا

    وأصفح عن سباب الناس حلمًا

    وشر الناس من يهوى السبابا

    ومن هاب الرجال تهيبوه

    ومن حقر الرجال فلن يهابا

    ومن الأخلاق المتعلقة بخلق العفو «قبول الاعتذار».
    فما أحسن المؤمن إذا جاءه من أخطأ عليه معتذرًا، فما يكون منه إلا قبول الاعتذار والصفح كما حصل وكان.
    إنها أخلاق الأكارم الذين ما سكن الحقد والبغضاء في قلوبهم، بل إن قلوبهم قد مُلئت محبة لله تلك هي قلوب المؤمنين الصادقين.
    وعلى هذا المبدأ تربى الصحابة الكرام رضوان الله عليهم فهذا أبو ذر يسيء على بلال ويقول له: يا ابن السوداء، فغضب الرسول  لذلك، وأمر أبا ذر بالحضور، فلما قدم أبو ذر، قال له الرسول : «أعيرته بأمه، إنك امرؤ فيك جاهلية، فقال: أعلى كبر مني، قال نعم». [رواه البخاري: 29، مسلم: 3139].
    فما كان من أبي ذر إلاَّ أن وضع خده على التراب وقال لبلال: لا أرفعه حتى تضع قدمك عليه، فأبى بلال ذلك إكرامًا له، وقال: بل أعفو، فقاما وتعانقا وهما يبكيان. الله أكبر ما أروع تلك القلوب الطاهرة.
    فأبو ذر أدرك الخطأ وأراد العفو.
    وبلال قبل العذر لوجه الله.
    إنها تربية الرسول  لذلك الجيل الرائع.
    فأين نحن من هذه الأخلاق؟
    يأتي الزوج معتذرًا إلى زوجته فتأبى.
    وتأتي الزوجة معتذرة إلى زوجها فيأبي.
    وذلك الموظف يعتذر إلى صاحبه في العمل فيأبى.
    والابن يعتذر لوالده فيأبى.
    فلماذا ذلك الرفض؟
    لو أنك أنت المعتذر لأحببت أن يقبل أخوك عذرك.
    إذًا فلماذا لا تقبل عذره؟
    ألم يقل : «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» [رواه البخاري: 12، مسلم: 64].
    إن قبول الاعتذار من روائع الأخلاق، فلنجاهد أنفسنا على ذلك.
    اقبل معاذير من يأتيك معتذرًا

    إن بر عندك فيما قال أو فجرا

    فقد أطاعك من أرضاك ظاهره

    وقد أجلك من يعصيك مستترا

    وقد كان السلف يعتبرون من دلائل الأخوة قبول العذر.
    قال الشافعي: من علامات الصادق في أخوة أخيه أن يقبل علله، ويسد خلله، ويغفر زللـه.
    أين نحن من خلق «مجاهدة النفس»:
    إن نفوسنا تحتاج إلى الجهاد، والمجاهدة والمرابطة.
    لمـــاذا؟
    لأن النفس إن تركت وأهملت قادت صاحبها للمهالك قال تعالى: إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي [يوسف: 53].
    قال أبو بكر  في وصيته لعمر حين استخلفه: إن أول ما أحذرك نفسك التي بين جنبيك.
    وقال الغزالي: إن النفس عدو منازع، يجب علينا مجاهدتها.
    أخي الحبيب:
    إن طريق الجنة محفوف بالمكاره والمتاعب، ولابد من مجاهدة النفس على تحمل تلك المكاره.
    نحتاج إلى مجاهدة النفس عند القيام لصلاة الفجر؛ لأن النفس تريد لذة النوم، ومنادي الله يدعوك إلى الصلاة. فأيهما تقدم؟
    نحتاج إلى مجاهدة النفس عند إرادتها للمعصية، فلابد أن ننهاها عن ذلك ونجاهدها لكي تبتعد عن المخالفة. قال تعالى: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات: 40، 41].
    نحتاج إلى مجاهدة النفس في قهرها على المسارعة إلى الخيرات؛ لأن النفس تريد الكسل فإن أطعناها فرطنا في كثير من أبواب الطاعات. إذًا لابد من المجاهدة.
    وهكذا صور كثيرة من صور المجاهدة التي نحن بحاجة إليها، ومتى غفلنا عن ذلك أصابنا ضعف الإيمان.
    إن كثيرًا من الناس إذا سمع لفظ: «الجهاد» ذهب به الفكر إلى قتال الأعداء، وما علم أن الجهاد الحقيقي هو «جهاد النفس» أولاً.
    عن فضالة بن عبيد  قال: قال : «المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله» [رواه أحمد: 22833، وابن ماجه: 3924، وهو في صحيح الترغيب: 1218].
    قال العلماء: أصل مجاهدة النفس فطمُها عن المألوفات، وحملها على غير هواها، وللنفس صفتان: انهماك في الشهوات، وامتناع من الطاعات، فالمجاهدة تقع بحسب ذلك.
    وقال ابن رجب – رحمه الله -:
    «وهذه الجهاد يحتاج أيضًا إلى صبر، فمن صبر على مجاهدة نفسه وهواه وشيطانه غلبهم، وحصل له النصر والظفر، وملك نفسه فصار ملكًا عزيزًا، ومن جزع ولم يصبر على مجاهدة ذلك؛ غلب وقهر وأسر وصار عبدًا ذليلاً أسيرًا في يد شيطانه
    وهواه كما قيل:
    إذا المرء لم يغلب هواه أقامه

    بمنزلة فيها العزيز ذليل

    إن مجاهدة النفس أعظم وسيلة لتزكيتها وفلاحها.
    والمجاهدة تدل على صدق صاحبها في طلب رضا الله.
    والمجاهدة تمنح العبد الهداية من ربه تبارك وتعالى قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت: 69].
    والمجاهدة تعلي قدر صاحبها عند الله جل في علاه.
    والمجاهدة من أسباب دخول الجنان، قال تعالى: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات: 40، 41].
    أين نحن من «التناصح والتواصي بالحق»:
    إن المرء مهما بلغ منزلته في العلم والعبادة فإنه لن يدرك الأخطاء التي يقع فيها، لذلك لا بد لكل امرئ من أن يكون له أخ ناصح شفيق، ينصحه ويذكره بعيوبه وأخطائه مع مراعاة آداب النصيحة.
    إننا بشر نذنب ونخطئ «كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون».
    فإذا فقد الواحد منا نصيحة صادقة من محب له، فمتى سيعرف المرء عيوبه؟!
    لقد ذكر العلماء أن من وسائل إصلاح النفس «اكتشاف العيوب». ثم البدء بإصلاحها؛ لأن أول مراحل العلاج: اكتشاف المرض.
    والمرء بطبعه ينسى عيوبه، وقد يفعل السييئ ويرى أنه صواب، ولكن في الحقيقة هو «خطأ» فلذلك وجب علينا جميعًا أن نتناصح فيما بيننا، وأن نتربى على عدم السكوت على الأخطاء.
    وإن من الغريب حقًّا: أنه لو قدر أن حشرة صغيرة قد دخلت في ثوبك لرأيت أن الناس كلهم يخبرونك ويحذرونك من ذلك، ولن يتأخروا في ذلك مهما كانت الظروف.
    ولكنك ترى الواحد يذنب ويعصي ويجاهر بالمنكرات ولا ترى له ناصحًا ولا محذرًا. فلماذا؟
    إن السكوت عن النصيحة ليس من تعاليم الإسلام.
    عن جرير بن عبد الله  قال: «بايعت الرسول  على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم» [رواه البخاري: 55].
    وعن تميم  قال: قال : «الدين النصيحة، قلنا: لمن، قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم» [رواه مسلم: 82].
    إن مبدأ النصح هو من معالم دعوة الأنبياء عليهم السلام.
    فهذا نوح  يقول لقومه: وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ [الأعراف: 61، 62].
    وهذا هود  يقول لقومه: وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ [الأعراف: 68].
    وهذا صالح  يقول لقومه: وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ [الأعراف: 79].
    ومن تأمل في سيرة النبي  يجد الأمثلة كثيرة التي تدل على حرصه على النصح للأمة ولأفرادها.
    وإن من معالم النصيحة أن يكون القصد منها رضا الله وإصلاح حال المنصوح. وهذا المعلم واضحٌ من تعريف النصيحة. قالوا في تعريفها:
    * هي كلمة جامعة تتضمن قيام الناصح للمنصوح له بوجوه الخير إرادةً وفعلاً.
    * وقيل: النصح تحري كل فعل أو قول فيه صلاح صاحبه.
    * وقيل: هي كلمة يُعبر بها عن جملة، هي «إرادة الخير للمنصوح له».
    إذًا فينبغي على الناصح أن يحاسب نفسه قبل إسداء النصيحة، وهل هو يريد الخير للمنصوح، أم هو الحسد، والتشفي والانتقام؟
    ومن المعالم المهمة في التناصح أن يكون الناصح على علم بما ينصح؛ لأنه ربما أنكر شيئًا وظنه خطأ وهو صواب.
    ومن المعالم كذلك: التزام الأدب، وانتقاء الألفاظ الحسنة، ومراعاة المشاعر، وأن تكون النصيحة على انفراد وليس أمام الناس.
    ومن المعالم كذلك: التثبت من صحة الأمر الذي تريد النصيحة فيه، فلو بلغك عن أحد أنه قام بعمل ما، فلا تستعجل بالإنكار والنصيحة حتى تتثبت من قيامه بذلك، فقد يكون الأمر إشاعة لا صحة لها، أو قد يكون الناقل ما فهم القضية كما هي.
    ومن المعالم في التناصح أن يقبل المنصوح ذلك الأمر الذي نصح فيه، ولا يكن ممن قال الله تعالى فيه: وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ [البقرة: 206].
    ولا شك أن قبول النصيحة قد قل في هذا الزمان.
    أخي الحبيب:
    إن الكثير من الناس يظن أن الناصح هو من يطلب العيوب، وأنه رجلٌ حاقد، وأنه لا يريد الخير للمنصوح، وهذا خطأ بلا شك.
    فهذا عمر  يقول: رحم الله امرأ أهدى إلينا عيوبنا.
    فتأمل: اعتبر عمر  بيان العيوب هدية والهدية مما يفرح بها.
    بل إن السلف كانوا يعتبرون بيان العيوب خيرًا من إعطاء الأموال.
    قال بلال بن سعد: رب أخ لك كلما لقيك أخبرك بعيب. خير لك من أخ كلما لقيك وضع في كفك دينارًا. لماذا نرفض النصيحة ولا نقبل النقد؟
    1- خلو النقد والنصيحة من الآداب المتعلقة بها، من اختيار أحسن الألفاظ ومراعاة الظروف وأن تكون على خلوة بالمنصوح.
    2- الإعجاب بالنفس والغرور والتكبر.
    قال ابن مسعود: إن من أكبر الذنب أن يقول الرجل لأخيه:
    «اتق الله» فيقول: عليك نفسك. أنت تأمرني.
    3- وجود خصومات سابقة بين الناصح والمنصوح.
    4- المراء والجدال؛ لأن المجادل ليس سهلاً أن يقبل النصيحة بل تجده يجادل وينكر ويخاصم.
    5- اتباع الهوى، فلذلك هو لا يقبل أي نصح أو توجيه؛ لأنه متبع لهواه ويعتقد أنه على صواب قال الله تعالى: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً [الفرقان: 43].
    6- المجتمع الذي يتربى فيه المرء. فإن تربى على قبول النقد ومحبة الناصح فلا شك أنه سيسهل عليه قبول النصيحة، أما إذا كان قد تربى في بيئة ترفض النقد فكما قال الأول:
    وينشأ ناشيء الفتيان منا

    على ما كان عوده أبوه

    7- أن يشعر المنصوح أن الناصح أقل منه علمًا أو سنًّا أو مالاً، فلذلك يرفض النقد.
    8- اعتقاد المنصوح أنه في غنى عن النصيحة؛ لأنه يظن أنه بلغ الكمال. ولا شك أن هذا مرض في قلوب بعض الناس والله المستعان.
    فيا أيها الأحباب: أين نحن من هذه الأخلاق؟؟
    راجع نفسك وابدأ بعزيمة صادقة، وأسأل الله لي ولك التوفيق والسداد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


    * * * *

    الفهرس
    المقدمة 5
    تعريف حسن الخلق: 6
    فأين الصابرون على الابتلاء؟ 10
    فأين الصابرون على الابتلاء؟ 11
    إنها الهمة العالية في العبادة لله عز وجل 11
    إنها روائع الأخوة 11
    وهذه جولة في بعض الأخلاق التي فقدناها... 12
    أين نحن من خلق الاعتراف بالفضل لأهله 13
    أين نحن من خلق الإنصاف والعدل والنظر للمحاسن ؟ 13
    أين نحن من خُلق «التفاؤل»؟ 16
    أين نحن من خلق «القناعة» والرضا بما قسم الله 17
    أين نحن من خلق التشاور: 20
    قالوا عن الشورى: 21
    أين نحن من خلق «الرحمة» 21
    سبحان الله! 22
    وهذا الدين يدعو إلى الرحمة: 24
    تنبيه!! الرحمة تقتضي الحزم لا الإهمال: 25
    أين نحن من خلق الصدق 26
    أين نحن من خلق التواضع 27
    أين نحن من خلق التعاون والمساعدة: 28
    أين نحن من خلق الصبر؟ 28
    الصبر وما أدراك ما الصبر ؟ 29
    أين نحن من خلق الاستجابة لأمر الله ورسوله 29
    أين نحن من خلق الاحتساب 29
    أين نحن من خلق الإصلاح؟ 30
    أين نحن من خلق العفو والصفح؟ 31
    إن هناك أسبابًا تدعو إلى التخلق بخلق «العفو» فمنها: 33
    فأين نحن من هذه الأخلاق؟ 35
    أين نحن من خلق «مجاهدة النفس»: 36
    لمـــاذا؟ 36
    أين نحن من «التناصح والتواصي بالحق»: 38
    الفهرس 43



    * * * *

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 9:57 pm